يمثل الليثيوم أحد العناصر الرئيسة في مستقبل الكهرباء المستدامة؛ إذ يعتمد التحول العالمي في الطاقة بشكل كبير على إمداداته؛ نظرًا إلى دوره الحاسم في صناعة البطاريات، والأجهزة الرقمية المحمولة، والعمليات الصناعية المختلفة.
وأدّت زيادة الطلب على السيارات الكهربائية، ولا سيما في عام 2022، إضافة لبطاريات تخزين الكهرباء، إلى ارتفاع الطلب على المعدن المُسمى بالذهب الأبيض وزيادة أسعاره، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وفي ذلك الوقت، أبدت شركات صناعة السيارات الكهربائية مخاوفها بشأن تأمين إمدادات كافية من المعدن الإستراتيجي، وشهد عاما 2022 و2023 طفرة في أسعاره أدت إلى جذب استثمارات كبيرة وتوسع سريع في إمداداته.
وتُشكل تلبية الحاجة الكبيرة إلى المعدن ضغوطًا على سلاسل التوريد الحالية؛ ما يعني أنه يتعيّن على أصحاب المصلحة أن يتعاونوا ويستثمروا في إنتاج الليثيوم المستدام لتلبية الطلب المتزايد.
وقد يساعد الابتكار في عمليات الاستخراج والمعالجة في سد الفجوة بين العرض والطلب، وقد يعطي إنتاجه بشكل مستدام، مع انخفاض البصمة الكربونية، الشركات ميزة تنافسية، ولا سيما مع ارتفاع الطلب على التقنيات.
بطاريات السيارات الكهربائية
في عام 2021، بلغ حجم الاستهلاك عالميًا نحو 500 ألف طن، ومن المتوقّع أن يصل الرقم إلى ما يزيد على 3 ملايين طن بحلول عام 2030، بحسب موقع كاربون كريدتس (carboncredits).
ويعود السبب في تسارع نمو الطلب على المعدن الإستراتيجي إلى الحاجة المتزايدة إلى بطاريات الليثيوم أيون (Li-ion)؛ إذ يُستَخرج نحو 60% من المعدن لتطبيقات البطاريات، ومن المتوقّع أن يقفز هذا الرقم إلى 95% بحلول عام 2030.
كما يرتبط هذا النمو ارتباطًا وثيقًا بالطلب المتزايد على السيارات الكهربائية (نحو 4300 غيغاواط/ساعة)، والتي من المتوقّع أن تصل إلى 90% من مبيعات سيارات الركوب في بعض البلدان، بحلول نهاية العقد الحالي.
وتجدر الإشارة إلى إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه يستهدف أن تمثّل مبيعات السيارات الكهربائية نصف إجمالي مبيعات السيارات في أميركا بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، ما سيعادل قرابة 8 ملايين سيارة كهربائية.
إمدادات الليثيوم
تتطلّب بطارية شاحنة تيسلا سايبرتراك 123 كيلوواط/ساعة نحو 80 كيلوغرامًا من مكافئ كربونات الليثيوم.
وبالنظر إلى إنتاج أكبر منجم في العالم في عام 2023، وهو منجم غرينبوشز، الذي يكفي لتشغيل 2.6 مليون شاحنة سايبرتراك؛ فماذا عن المركبات الكهربائية الأخرى ومتطلبات تخزين الكهرباء في مختلف أنحاء العالم.
وعلى الرغم من أن الاحتياطيات موزعة بشكل جيد على مستوى العالم؛ فإن الرواسب عالية الجودة تتركّز في أستراليا وتشيلي والصين والأرجنتين.
وتمثل أستراليا وتشيلي والصين 88% من إجمالي الإنتاج في العالم خلال عام 2023.
وتمتد منطقة مثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية (Lithium Triangle) عبر الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، والتي تزخر بهذا المعدن الإستراتيجي المهم في تصنيع مكونات بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الكهرباء، والأجهزة الرقمية المحمولة، والعمليات الصناعية المختلفة.
ويكمن التحدي الرئيس في عمليات التعدين والاستخراج، والتي كانت تعاني تاريخيًا نقصَ التمويل، إضافة إلى تدهور جودة الخام وصعوبة الاستخراج المتزايدة.
يُضاف إلى ذلك التأخير في توسيع نطاق مصانع خلايا البطاريات بسبب نقص معدات التصنيع والمواد الخام والعمالة الماهرة عقبة أخرى.
ويكمن الحل في التكامل الرأسي لسلسلة التوريد، إلى جانب العقود والشراكات طويلة الأجل؛ ما من شأنه تخفيف بعض هذه المشكلات.
معدات التعدين
تؤدّي معدات التعدين دورًا حاسمًا في استخراج الليثيوم، وتتضمّن الآلات والأدوات والتقنيات المتخصصة في استخراج المعادن الحاملة للمعدن ومعالجتها ونقلها من المكامن السطحية أو الجوفية.
وتتنوّع استعمالات هذه المعدات؛ إذ تغطي كل مرحلة من مراحل عملية التعدين وتُسهم هذه المعدات بصورة جماعية في عمليات الاستخراج والمعالجة والتكرير.
وتشمل عمليات الاستكشاف وتقييم الموقع أدوات مثل منصات الحفر ومعدات المسح الجيوفيزيائي، لتحديد المكامن المحتملة وتقييم جدواها الاقتصادية، ويستعمل قطاع الاستخراج الآلات الثقيلة؛ بما في ذلك الحفارات والرافعات وشاحنات النقل، لإزالة الأحمال الزائدة والوصول إلى المواد الخام الغنية بالليثيوم في المكامن.
ومن المتوقّع أن تصل قيمة سوق معدات التعدين إلى نحو 2.5 مليار دولار بحلول عام 2032، بنسبة نمو سنوي مركّب تبلغ 16.2% من عام 2023 إلى عام 2032.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
