هل إنتاج الهيدروجين الأخضر خالٍ من الانبعاثات؟ دراسة تجيب

يعوّل الكثيرون على إنتاج الهيدروجين الأخضر لخفض انبعاثات الكربون، في ظل السعي المستمر للحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية.

وسلّطت دراسة حديثة، اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (ومقرّها واشنطن)، الضوء على دور الهيدروجين الأخضر في خفض الانبعاثات.

وذكرت الدراسة أنه من المتوقع أن يؤدي إدخال الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع دورًا مهمًا في الوصول إلى الحياد الكربوني، إلّا أن إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر نفسه ليس خاليًا من الانبعاثات.

وهو ما دفع الباحثين إلى تقييم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري طوال دورة حياة 1025 منشأة هيدروجين أخضر مخطط لها، تغطي تقنيات التحليل الكهربائي المختلفة ومصادر الكهرباء المتجددة في 72 دولة.

انبعاثات إنتاج الهيدروجين الأخضر

وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، وجدت الدراسة أن هناك انطباعًا خاطئًا بأن الهيدروجين الأخضر يمكنه بسهولة تلبية مستويات الانبعاثات.

إذ يُمكن للهيدروجين الأخضر في كثير من الأحيان -وإن لم يكن دائمًا- أن يؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون، وفقًا لبحث نُشر في مجلة نيتشر إنرجي (Nature Energy)، بوساطة كيان دي كلاين من جامعة رادبود وجامعة آيندهوفن للتكنولوجيا.

وقال دي كلاين: "إذا حُسبت دورة الحياة الكاملة لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، فقد تكون مكاسب ثاني أكسيد الكربون مخيّبة للآمال.. مع ذلك، إذا أُنتج الهيدروجين الأخضر من كهرباء نظيفة للغاية ومحلية، فيمكن أن يساعد حقًا في تقليل الانبعاثات".

وأضاف: "يتمتع الهيدروجين الأخضر بإمكانات كبيرة بوصفه تكنولوجيًا بسبب تنوعه وتطبيقاته العديدة، ولكن لسوء الحظ، ما زلت أتوقع بعض العقبات في الطريق".

ووفقًا للباحثين، فإن الرسالة الرئيسة هي أنه لا ينبغي لنا أن نزعم أن التقنيات مثل الهيدروجين الأخضر خالية تمامًا من الانبعاثات.

إذ لا تأخذ طرق الحساب الحالية عادةً في الحسبان الانبعاثات ممّا يجب تصنيعه لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مثل الألواح الشمسية، وأجهزة التحليل الكهربائي، أو تسرّب الهيدروجين خلال النقل.

وفي هذه الحالات، قد يبدو أن الهيدروجين الأخضر لا ينتج الكثير من الانبعاثات، لكن هذا بعيد كل البعد عن الواقع.

عقبات إنتاج الهيدروجين الأخضر

من خلال أكثر من ألف مشروع هيدروجين أخضر مخطط له، حسبَ "دي كلاين" انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك إنتاج الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات لتوفير الكهرباء، والنقل عن طريق خطوط الأنابيب أو السفن.

ووفق الدراسة التي اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على تفاصيلها، فإن "الهيدروجين الأخضر يُنتج عن طريق تقسيم الماء إلى أكسجين وهيدروجين في جهاز التحليل الكهربائي باستعمال الكهرباء الخضراء.. يمكن بعد ذلك استعمال هذا الهيدروجين بوصفه مادة خامًا أو وقودًا".

ويُستعمل الهيدروجين المصنوع من الغاز الطبيعي على نطاق واسع بوصفه مادة خامًا، على سبيل المثال، في الصناعة الكيميائية لإنتاج الميثانول والأمونيا للأسمدة.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين المختلفة:

وشددت الدراسة على أن ميزة الهيدروجين الأخضر هي أنه عند تقسيم الماء، بالإضافة إلى الهيدروجين، يُطلق الأكسجين فقط ولا يُطلق ثاني أكسيد الكربون، بحسب ما نقلته منصة "سايتك ديلي" (SciTech Daily).

وكتب الباحثون: "مع ذلك، يتطلب ذلك كميات كبيرة من الطاقة الخضراء.. لا يمكنك تقليل الانبعاثات إلّا إذا كنت تستعمل الكهرباء الخضراء، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية".

وأضافوا: "لكن حتى في هذه الحالة، تتراكم الانبعاثات من تصنيع توربينات الرياح والألواح الشمسية وحدها بشكل كبير".

كما قالوا: "إذا نظرت إلى دورة الحياة بأكملها بهذه الطريقة، فإن الهيدروجين الأخضر غالبًا ما يؤدي إلى مكاسب الكربون، ولكن ليس دائمًا بالتأكيد. وعادةً ما تكون مكاسب الكربون أعلى عند استعمال طاقة الرياح بدلًا من الطاقة الشمسية".

وسيتحسّن هذا بشكل أكبر في المستقبل، مع استعمال المزيد من الطاقة المتجددة لتصنيع توربينات الرياح والألواح الشمسية والصلب لجهاز التحليل الكهربائي، على سبيل المثال.

يؤدي إنتاج الهيدروجين إلى أدنى مستوى من الانبعاثات في الأماكن التي يوجد بها الكثير من الشمس أو الرياح، مثل البرازيل أو أفريقيا، ولكن الجانب السلبي هو أنه يجب نقل هذا الهيدروجين إلى أوروبا، ما يمثّل تحديًا تقنيًا، ويُمكن أن يخلق الكثير من الانبعاثات الإضافية.

وقال دي كلاين: "إن نقل الهيدروجين الأخضر لمسافات طويلة يسهم كثيرًا في إجمالي الانبعاثات بحيث يُلغى الكثير من مكاسب الكربون من الإنتاج في مواقع بعيدة وملائمة".

وبالنسبة للمسافات القصيرة، يبدو أن انبعاثات النقل هي الأدنى بالنسبة لخطوط الأنابيب، في حين إن شحن الهيدروجين السائل هو الأفضل لمسافات طويلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..